حتى تسيل دماؤنا في خط الحسين (ع)
صفحة 1 من اصل 1
حتى تسيل دماؤنا في خط الحسين (ع)
كانت مشاهد الدماء التي تسيل من رؤوس ووجوه "المطبرين" والتي نقلتها شاشات التلفزة العربية والعالمية سمة بارزة خلال إحياء ذكرى عاشوراء في بعض الأماكن في العالم الإسلامي، بحيث اختلفت الآراء في الموقف منها والتعاطي معها.
طريقة للمواساة؟
فقد يعتبرها البعض صدقاً في المواساة والولاء، عندما يعرّض الإنسان نفسه للجراح، وللإدماء، شعوراً مع الإمام الحسين وإحساساً ـ ولو محدوداً ـ بحجم الجراحات التي إصابته، والآلام التي شعر بها.
وهذا يمثل مظهراً من مظاهر التعبير عن صدق الوفاء للإمام الحسين(ع) وصحبه الذين استشهدوا من أجل الإسلام، ولولا شهادتهم لكُنّا خاضعين حتى اليوم، لوطأة الانحراف ونتائجه.
وكما أن التعبير عن المواساة لأهل العزاء قد يتمثل بالبكاء والندب، فإنه قد يتمثل أيضاً عبر معايشة جزء من عذاباتهم وآلامهم ولو بشكل محدود، وبالتي لا ينبغي التعامل مع الأمر بالرفض والسلبية المطلقة، حيث من المنطقي أن تُترك لكل شخص حرية التعبير عن مواساته، كما تترك له حرية التعبير عن حبه ومشاعره وعن طريقة إلقائه للسلام والتحية مثلاً.
وهذا ما نجده واقعاً في المجتمعات المتنوعة التي يعبر كل منها بطريقته الخاصة عن كثير من قضاياه.
ملاحظات أساسية:
لكن هناك وجهة أخرى للموضوع، فصحيح أن الذين يمارسون أسلوب إدماء الرؤوس وضرب الظهور بالسلاسل ينطلقون من الحرص على المواساة والتعبير عن الولاء للحسين(ع)، ولا بدّ من احترام هذه المشاعر والأحاسيس الصادقة، وصحيح أن تعابير المواساة قد تتنوع وتختلف من مجتمع لآخر ومن ثقافة لأخرى، لكن ذلك لا يلغي ضرورة تسجيل عدة ملاحظات أبرزها:
1 ـ إن الإمام الحسين(ع) وأصحابه شكلوا النموذج الرسالي ولذا حاربهم من يمثلون خط الفساد والانحراف، وقد عبر الإمام(ع) عن أهداف ثورته الإصلاحية بقوله: " إني لم اخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وانهي عن المنكر".
وقال(ع):"ألا ترون إلى الحق لا يعمل به وإلى الباطل لا يتناهى عنه، الا وان هؤلاء القوم قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن واحلّوا حرام الله وحرموا حلاله واستأثروا بالفيء وعطلوا الحدود وأنا أحق من غيّر".
فلم يكن خروجه(ع) لأجل هدف ذاتي ولم يكن القتل هو كل غايته بل كانت الشهادة وسيلة لتصويب حركة الأمة واحياء الدين.
ولذلك لا بدّ أن تتحرك مواساتنا في نفس الموقع الذي انطلق فيه الإمام الحسين(ع) وصحبه وهو موقع الثورة ومواجهة الظالمين، حيث يطيب للمؤمنين أن يقتلوا ويجرحوا في نفس الخط الذي جرح فيه الإمام(ع) واستشهد.
2 ـ التعبير عن الحب والولاء لا بدّ أن يكون من خلال الصورة الصحيحة التي حرص الأئمة(ع) على التأكيد عليها كما عبّر الإمام علي(ع): "أعينوني بورع واجتهاد وعفة وسداد".
وقد أشار إلى ذلك الإمام الباقر(ع) عندما قال: " افيكفي الرجل أن يقول أحب عليا وأتولاه ثم لا يكون فعالا فوالله لا تنال ولايتنا إلا بالعمل والورع".
ولذلك لا بدّ أن يكون الحب لهم حباً لمشروعهم الرسالي، من خلال التأكيد على حضور الإسلام وبقائه نقياً صافياً.
3 ـ لا بدّ أن يكون التعبير شرعياً وجائزاً بحيث يتناسب مع منهج الأئمة والإمام الحسين(ع) الذي دعا إلى عدم تحريم الحلال وتحليل الحرام، ومن المعروف فقهياً عدم جواز إيذاء النفس إلا في موارد الجهاد المبرر، وان كان الاختلاف قد حصل في مسألة هل أن الإيذاء المقصود هو الذي يؤدي إلى الموت أم يكفي الإيذاء الذي يسبب ضررا حسيا للجسد.
الأسلوب الرسالي:
4 ـ لا بدّ للمواساة أن تكون بالصورة التي لا تؤدي للإساءة لأهداف من نواسيه فلا يمكن أن تواسي إنسانا بطريقة تسيء إلى كرامته وموقعه..
ولذلك لا بدّ أن تكون مواساة الحسين(ع) ومن معه، بأسلوب لا يسيء إلى مشروعهم الرسالي والهدف الذي ضحوا من أجله.
فعندما يؤدي أسلوب شج الرؤوس وإدماء الظهور بالسلاسل إلى توهين المذهب والإساءة إلى رموزه وتنفير الناس منه، دون أن يكون لذلك أساس شرعي، فلا بدّ عندها من رفض هذا الأسلوب، ولذلك انطلقت الفتوى بحرمة هذا العمل إذا أدى إلى الإساءة إلى المذهب وإلى الخط الذي سعى الإمام الحسين(ع) لرسمه بدمائه ودماء أصحابه وأهل بيته وتضحياتهم.
5 ـ إن الأئمة(ع) الذين يمثلون القدوة الصالحة، حدودوا لنا الأسلوب الأمثل في التعبير عن إحياء أمرهم ومواساتهم في مصاب الإمام الحسين(ع) والصفوة الطيبة من أهل بيته من خلال نصوص الزيارات، والشعر الرسالي الحزين والمآتم الحسينية، وكانوا حريصين على أن تصب كل هذه الأساليب في خدمة الهدف الكبير، ولذا فإن أية أساليب جديدة لا بدّ أن تنسجم مع منهج أهل البيت(ع).
6 ـ إن الأساليب المعتمدة والمتداولة، لا سيما المآتم الحسينية تؤدي الدور المطلوب في إبقاء هذه الذكرى وتأكيد حضورها، ولا حاجة بعد ذلك لأساليب تثير الكثير من اللغط والإساءات، لا سيما من أولئك الذي يسعون إلى الإساءة إلى الإسلام ومناسباته.. ومن يتابع تغطية وسائل الإعلام العالمية لظاهرة التطبير، وضرب السلاسل، يتأكد من هذه الصورة وما تتركه من آثار سلبية كبيرة على التشيع لدى الآخرين من خلال إظهاره بطريقة متخلفة خاصة مع إبراز مشاهد الأطفال الأبرياء الذين شجت رؤوسهم بالمدي، ونسب هذه الأعمال الوحشية إلى الدين
طريقة للمواساة؟
فقد يعتبرها البعض صدقاً في المواساة والولاء، عندما يعرّض الإنسان نفسه للجراح، وللإدماء، شعوراً مع الإمام الحسين وإحساساً ـ ولو محدوداً ـ بحجم الجراحات التي إصابته، والآلام التي شعر بها.
وهذا يمثل مظهراً من مظاهر التعبير عن صدق الوفاء للإمام الحسين(ع) وصحبه الذين استشهدوا من أجل الإسلام، ولولا شهادتهم لكُنّا خاضعين حتى اليوم، لوطأة الانحراف ونتائجه.
وكما أن التعبير عن المواساة لأهل العزاء قد يتمثل بالبكاء والندب، فإنه قد يتمثل أيضاً عبر معايشة جزء من عذاباتهم وآلامهم ولو بشكل محدود، وبالتي لا ينبغي التعامل مع الأمر بالرفض والسلبية المطلقة، حيث من المنطقي أن تُترك لكل شخص حرية التعبير عن مواساته، كما تترك له حرية التعبير عن حبه ومشاعره وعن طريقة إلقائه للسلام والتحية مثلاً.
وهذا ما نجده واقعاً في المجتمعات المتنوعة التي يعبر كل منها بطريقته الخاصة عن كثير من قضاياه.
ملاحظات أساسية:
لكن هناك وجهة أخرى للموضوع، فصحيح أن الذين يمارسون أسلوب إدماء الرؤوس وضرب الظهور بالسلاسل ينطلقون من الحرص على المواساة والتعبير عن الولاء للحسين(ع)، ولا بدّ من احترام هذه المشاعر والأحاسيس الصادقة، وصحيح أن تعابير المواساة قد تتنوع وتختلف من مجتمع لآخر ومن ثقافة لأخرى، لكن ذلك لا يلغي ضرورة تسجيل عدة ملاحظات أبرزها:
1 ـ إن الإمام الحسين(ع) وأصحابه شكلوا النموذج الرسالي ولذا حاربهم من يمثلون خط الفساد والانحراف، وقد عبر الإمام(ع) عن أهداف ثورته الإصلاحية بقوله: " إني لم اخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وانهي عن المنكر".
وقال(ع):"ألا ترون إلى الحق لا يعمل به وإلى الباطل لا يتناهى عنه، الا وان هؤلاء القوم قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن واحلّوا حرام الله وحرموا حلاله واستأثروا بالفيء وعطلوا الحدود وأنا أحق من غيّر".
فلم يكن خروجه(ع) لأجل هدف ذاتي ولم يكن القتل هو كل غايته بل كانت الشهادة وسيلة لتصويب حركة الأمة واحياء الدين.
ولذلك لا بدّ أن تتحرك مواساتنا في نفس الموقع الذي انطلق فيه الإمام الحسين(ع) وصحبه وهو موقع الثورة ومواجهة الظالمين، حيث يطيب للمؤمنين أن يقتلوا ويجرحوا في نفس الخط الذي جرح فيه الإمام(ع) واستشهد.
2 ـ التعبير عن الحب والولاء لا بدّ أن يكون من خلال الصورة الصحيحة التي حرص الأئمة(ع) على التأكيد عليها كما عبّر الإمام علي(ع): "أعينوني بورع واجتهاد وعفة وسداد".
وقد أشار إلى ذلك الإمام الباقر(ع) عندما قال: " افيكفي الرجل أن يقول أحب عليا وأتولاه ثم لا يكون فعالا فوالله لا تنال ولايتنا إلا بالعمل والورع".
ولذلك لا بدّ أن يكون الحب لهم حباً لمشروعهم الرسالي، من خلال التأكيد على حضور الإسلام وبقائه نقياً صافياً.
3 ـ لا بدّ أن يكون التعبير شرعياً وجائزاً بحيث يتناسب مع منهج الأئمة والإمام الحسين(ع) الذي دعا إلى عدم تحريم الحلال وتحليل الحرام، ومن المعروف فقهياً عدم جواز إيذاء النفس إلا في موارد الجهاد المبرر، وان كان الاختلاف قد حصل في مسألة هل أن الإيذاء المقصود هو الذي يؤدي إلى الموت أم يكفي الإيذاء الذي يسبب ضررا حسيا للجسد.
الأسلوب الرسالي:
4 ـ لا بدّ للمواساة أن تكون بالصورة التي لا تؤدي للإساءة لأهداف من نواسيه فلا يمكن أن تواسي إنسانا بطريقة تسيء إلى كرامته وموقعه..
ولذلك لا بدّ أن تكون مواساة الحسين(ع) ومن معه، بأسلوب لا يسيء إلى مشروعهم الرسالي والهدف الذي ضحوا من أجله.
فعندما يؤدي أسلوب شج الرؤوس وإدماء الظهور بالسلاسل إلى توهين المذهب والإساءة إلى رموزه وتنفير الناس منه، دون أن يكون لذلك أساس شرعي، فلا بدّ عندها من رفض هذا الأسلوب، ولذلك انطلقت الفتوى بحرمة هذا العمل إذا أدى إلى الإساءة إلى المذهب وإلى الخط الذي سعى الإمام الحسين(ع) لرسمه بدمائه ودماء أصحابه وأهل بيته وتضحياتهم.
5 ـ إن الأئمة(ع) الذين يمثلون القدوة الصالحة، حدودوا لنا الأسلوب الأمثل في التعبير عن إحياء أمرهم ومواساتهم في مصاب الإمام الحسين(ع) والصفوة الطيبة من أهل بيته من خلال نصوص الزيارات، والشعر الرسالي الحزين والمآتم الحسينية، وكانوا حريصين على أن تصب كل هذه الأساليب في خدمة الهدف الكبير، ولذا فإن أية أساليب جديدة لا بدّ أن تنسجم مع منهج أهل البيت(ع).
6 ـ إن الأساليب المعتمدة والمتداولة، لا سيما المآتم الحسينية تؤدي الدور المطلوب في إبقاء هذه الذكرى وتأكيد حضورها، ولا حاجة بعد ذلك لأساليب تثير الكثير من اللغط والإساءات، لا سيما من أولئك الذي يسعون إلى الإساءة إلى الإسلام ومناسباته.. ومن يتابع تغطية وسائل الإعلام العالمية لظاهرة التطبير، وضرب السلاسل، يتأكد من هذه الصورة وما تتركه من آثار سلبية كبيرة على التشيع لدى الآخرين من خلال إظهاره بطريقة متخلفة خاصة مع إبراز مشاهد الأطفال الأبرياء الذين شجت رؤوسهم بالمدي، ونسب هذه الأعمال الوحشية إلى الدين
منقول عن آية الله السيد محمد حسين فضل الله
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى